مملكة أكسوم

كانت أكسوم مملكة مثيرة للخيال بشكل شعبها ولونه الأبنوسي وتسمية ملوكها وآخرهم هيلاسي الذي كان اسمه الرسمي حفيد الملكة بلقيس وسليل ملوك سبأ، و معنى الجذورية هنا وطني، فهو ليس حفيد الملكة بلقيس مباشرةً وإنما مثلما نقول نحن اليمنيين بأننا أحفاد ملكة سبأ، وبأن ملوك وشعب سبأ أجدادنا، فأكسوم وحمير هما شكل التطور التاريخي لما بعد مملكة سبأ، الممتد قبلها إلى يمنت وحبشت.

مملكة أكسوم %D9%85%D9%85%D9%84%D9%83%D8%A9_%D9%83%D9%88%D8%B4

أصل يمنت وحبشت
يتضح الجنس اللغوي الواحد من وزن وشكل التسمية كأمر لا يحدث إلا في حالة الأسس الجذورية المشتركة، كما أن من الواضح بأن تاريخ يمنت وحبشت لا يعود إلى الأصل السامي مباشرةً، إذ يتعلق بالأصل السامي سام وحام، فاليمنيون ساميون، والأحباش حاميون، وسام وحام أخوان، لكن ثنائية سام وحام تشكل أساساً منطقياً ليمنت وحبشت من الناحية التركيبية، على عكس يعرب مثلاً وحبشت وتنافر اسميهما، فنجد أن يمنت وحبشت تشير إلى أصل قديم لوطنين اسميهما اليمن والحبشة، فصيغة الاسم وطنية تتعلق بفترة التطور التاريخي من الفرد إلى العائلة إلى العشيرة إلى الأمة والدولة، وطالما اليمن اسم بلد وشعب والحبشة اسم بلد وشعب فالتسمية تشير إلى الأصل التاريخي المتفرع منه يمنت وحبشت في مرحلة تكوّن الأمتين اليمنية والحبشية.

مملكة أكسوم Images?q=tbn:ANd9GcTLVNiAgzMWHmnp36aoy3ZSGBWwurm5rJHuw7TU5_C0kxJJURMy

مملكة أكسوم Images?q=tbn:ANd9GcTLVNiAgzMWHmnp36aoy3ZSGBWwurm5rJHuw7TU5_C0kxJJURMy

مرحلة مملكة سبأ
من الواضح أن معين كانت مملكة تضم الفرعين اليمني والحبشي، كان الفرع اليمني فيها هو الغالب إلى أن جاءت مملكة سبأ وتقوى في أثنائها الفرع الحبشي وتطور وجوده الاجتماعي في جزئه الجغرافي الأفريقي من مملكة سبأ، وكان الفرع اليمني يتطور بدوره من مفهوم تعبيره عن مركز مملكة سبأ السياسي إلى مفهوم متأثر بالفارق القاري بين آسيا وأفريقيا، فكان نمط تطوره آسيوياً وباعتبار مملكة سبأ مترامية الأطراف أدى ضعف الدولة إلى انفصال الفرعين عن بعضهما إدارياً، وكل فرع أخذ لنفسه ما يليه من إرث مملكة سبأ، لكن يتضح أن الفرعين أثناء اتحادهما كان كل منهما يشعر بذاته في إطار الذات السبئية، وكان ذلك جذر الشخصيتين المتبلورتين لاحقاً إلى شخصية وطنية يمنية وشخصية وطنية حبشية.

مملكة أكسوم Z

أكسوم وحمير
أصبح اسم مملكة الحبشة أكسوم واسم مملكة اليمن حمير، ويتضح من جغرافية اليمن الملاصقة لجزيرة العرب تأثير النوع العربي في شكل التطور اليمني التاريخي المستقل، بعيداً عن أكسوم المحاطة بأفريقيا من جهات ثلاث ما عدا جهة البحر قبل أن تنفصل عنها أريتريا في مراحل تاريخية لاحقة، فتطورت متأثرة بنمط التطور الأفريقي.
لقد أسمى أكسوم نفسه أكسوم ابن الملكة بلقيس، مدّعياً زواجها من الملك سليمان، وأنه ثمرة زواجهما، وهي رواية يرفضها التاريخ اليمني، ليس في ما يتعلق بأن أكسوم سبئي، فهذه مسألة عادية، ولكن ما يتعلق بزواج الملكة بلقيس بالملك سليمان، فالمملكة بلقيس بحكم مسئولياتها كملكة لمملكة سبأ كانت تحكم فرعي المملكة، لكن من المركز السياسي اليمني باعتبار اليمن مفتوحاً جنوباً وشرقاً على الصين والهند وشمالاً على الشام وأوروبا وتدار منها المحطات التجارية لمملكة سبأ، بينما الحبشة محاطة من كل جهاتها ببلدان أفريقية هامشية في النظام العالمي وليس لها ميزة في نظر المركز السبئي اليمني سوى مناخها في المناطق التي انتقل إليها النظام الرسمي اليمني لتطابق اعتدال مناخها مع مناخ الهضبة اليمنية الواقعة بين صنعاء وإب، فنلاحظ وحدة المصدر اللغوي القديم لأسماء المدن مثل إب كأهم موقع في الجغرافيا الزراعية المطرية الخضراء أدنى الهضبة وتشابهه مع اسم أديس (أبابا) ونلاحظ مشتركات المهرة والأمهرا والعفر والمعافر ويعفر.
لقد قال أكسوم بأنه ثمرة لزواج الملكة بلقيس من الملك سليمان بينما خليفة التطور التاريخي لمملكة سبأ موجودة في اليمن عندما تحولت اليمن من عبادة الشمس إلى الديانة اليهودية التي هي ثمرة اتصال الملكة بلقيس بالملك سليمان واعتقد بأن غضب أكسوم من الديانة اليهودية اليمنية وملاحقتها وتصفيتها له علاقة بتفكيكها لأسطورة أكسوم وطريقة تأصيل نفسها إلى خلفية تاريخية أساسها المادي متحقق في اليمن.

للاحتلال الحبشي لليمن
تتعلق بالاحتلال الحبشي لليمن عدة حقائق.. الحقيقة الأولى: إن الحاكم الحبشي أبرهة يتأصل اسمه إلى خانة أسماء ملوك سبأ فما لا يقل عن ثلاثة أسماء من ملوك سبأ كان اسمهم أبرهة فيسود اعتقاد بأن الفرع الحبشي نجح في ايصال عدة ملوك إلى العرش السبئي، في فترات متقطعة، والاعتقاد الثاني أن أبرهة شخص يمني كان واجهة يمنية للغزو والاحتلال فهو كان يتقرب من اليمنيين وحاول إعادة بناء بعض السدود التاريخية وكان يحب صنعاء ويحاول جعلها مركزاً نصرانياً، وقصة معبد القليس تعطي مفهوماً عنه كصاحب نظرة اقتصادية إلى مفهوم المركز الديني، ويرى بأن عظمة صنعاء مقارنة بمكة في تلك الأيام تؤهلها لأن يحج إليها العرب بدلاً من مكة، وفي الحقيقة لم يغفر اليمنيون لأ برهة المذابح التي ارتكبها الاحتلال بهدف ترويعهم في إطار تسوية أرض الواقع اليمني لصالح الاحتلال، والحقيقة الثانية: أن مدة الاحتلال كانت كافية لتصفية حساباته مع أسس المرجعية اليمنية لمملكة سبأ خاصة والمحتلين ناطقين بنفس لغة النقوش السبئية اليمنية فيرتبط بهم في نظر البعض اختفاء النقوش اليمنية السبئية للملكة بلقيس.
والحقيقة الثالثة: إن اليمنيين كانوا يتكلمون اللغة الحميرية التي هي نفس اللغة الحبشية بصفتها اللغة اليمنية القديمة بما يؤدي إلى فهم تطورات تلك المرحلة التاريخية من اختفاء اللغة اليمنية وسقوط الدولة الحميرية، مقدمة لابتلاع العصر الإسلامي لليمن والحبشة معاً.

مملكة أكسوم Images?q=tbn:ANd9GcQiu1EoEhp9C9lENnBIC_b_T5051hviWbs2MzCdd6FxIDH7Kd1-

مملكة أكسوم Images?q=tbn:ANd9GcQiu1EoEhp9C9lENnBIC_b_T5051hviWbs2MzCdd6FxIDH7Kd1-

أخوكم : سالم ماهر حلبوب اليافعي